إن النتائج التي وصلنا إليها هي أن الفائدة ليست مطابقة للربا في المعنى وأن الفائدة قد تكون فائدة حسنة أو فائدة ربوية إذا ليست كل فائدة ربا.
فما المعيار الذي به يتحدد كون الفائدة ربوية أو حسنة؟ والمعيار هو ليس كون القرض كاش أو ثمنا لسلعة وإنما طريقة حساب الفائدة.
هناك طريقتان متبعتان للإقراض وهما إقراض النقد كنقد كما تفعل البنوك التقليدية أو أقراض أثمان السلع والتي تحسب بالنقد كما يحدث في المرابحة.
إن قرض المرابحة ما هو إلا إقراض لثمن سلعة وهو عمليتان في عملية واحدة الأولى عملية البيع والثانية عملية إقراض الثمن وحيث أن المشتري يستطيع شراء السلعة من المورد مباشرة وليس محتاجا أن يشتريها من البنك فهو يلجأ للبنك لإقتراض ثمن السلعة لذلك فإن الربح المضاف على ثمن السلعة فعليا ليس مقابل البيع وإنما مقابل إقراض الثمن.
لذلك فالمسالة في العمليات البنكية التقليدية والإسلامية ليست هي في كون القرض أتى عن طريق مباشر أو عن طريق بيع فكلاهما إقراض فالأولى إقراض للنقد مباشرة والثانية إقراض للنقد كجزء من عملية بيع وكلا الزيادة في البنك التقليدي والبنك الاسلامي هي فائدة وإن استخدمت البنوك الاسلامية كلمة ربح بدلا من الفائدة.
لا أحد يذهب للبنك ليشتري سيارة أو عقار أو أي شيء لأنه على علم أن البنك ليس تاجرا وإنما يذهب للبنك للإقتراض وحتى في البنوك الاسلامية هو يذهب لإقتراض أثمان السلع وليس لشرائها من البنك فالغرض الحقيقي للذهاب لأي بنك سواءا كان إسلاميا أو تقليديا هو الاقتراض والزيادة هي فائدة حتى لو سميت ربحا.
هناك فرق بين غرض البنوك وغرض التجارة فالبنوك تقوم بخلق النقود ومنح القروض وحفظ النقود والتجار يقومون بالاستعانة بأموال البنوك بتوفير السلع للناس ومن الخطأ أن يمارس البنك التجارة تحت مسمى المرابحة أو الاستصناع لأن هذه العقود هي عقود تجارية وليست عقود بنكية وينبغي أن ينأى البنك بنفسه عن التجارة وإلا استطاع بأموال المودعين تملك تجارة البلد لصالح المساهمين.
البنك ليس تاجرا وإنما مقرضا والمرابحة والاستصناع وغيره من العقود التجارية هي من إختصاص التسهيلات التجارية وليس البنكية.
الزيادة الحاصلة في المرابحة والاستصناع هي زيادة فائدية وليس ربحية قائمة على التجارة لأن الزيادة ليست ناشئة عن بيع حقيقي وإنما عن إقراض لثمن سلعة في عملية بيع مركبة من عمليتين البيع الذي لا يحسب البنك عليه أي هامش والقرض الذي تحسب عليه الزيادة ولا يستطيع البنك المرابح حساب هامش على البيع لأن المشتري لو كان يملك ثمن السلعة فلن يشتري من البنك مقابل هامش لا داعي له وإنما اشترى من البنك لأن البنك ربط إقراض الثمن بالشراء من البنك ودمج العملينين في عملية واحدة.
لذلك فإن كون الربح في المرابحة هو فائدة وكون أنه أفتي بجواز هذا الربح أي هذا النوع من الفائدة نصل ونستنتج أن إعتبار الفائدة ليس مبنيا على كون القرض نقدا أو جزءا من عملية بيع وإنما طريقة حساب الفائدة والتعامل معها هو ما يحدد كونها ربوية أو غير ربوية وهذا ما سنتناوله لاحقا.
هذه أبحاث وصلنا إليها من ناحية إقتصادية أما الناحية القانونية والشرعية فهي متروكة على مائدة المفتين من أهل الاختصاص والحوار مفتوح.
مطلوب رعاة لهذه المدونة
المراسلة: social@madalalameyah.com
للاتصال: 55543802 974+ خالد حنيطي